« فئة التجار » مهارة الفهلوة في استغلال الأزمات

عبء اقتصادي وتصحر ثقافي داخل المجتمع المصري

« فئة التجار » مهارة الفهلوة في استغلال الأزمات

عبء اقتصادي وتصحر ثقافي

 

فئةالتجار .. 

عبءاقتصادي وتصحر ثقافي داخل المجتمع المصري

 

   جوزيف سعد

 

_  ياواكل قوتي يالي ناوي علي موتي  ! 

_  اللي يصعب عليك يفقرك  ! 

_  عض قلبي ولا تعض رغيفي ! 

_  اللي مالهوش قلب مالهوش رزق  ! 

وهكذا « نأخذ الحكمة من أفواه التجار » كي نتعلم سوياً أهم الأرشادات التربوية والثقافية لدستور وقانون الغابة الذي صنعوه في حياتنا البريئة والمحتوم علينا التعايش معه وفيه.. أستغلال الأزمات في نقص السلع وزيادة الطلب عليها ، فرصة عظيمة علي طبق من ذهب لاتعوض لفلاسفنا التجار ، وكأنها معادلة تجارية عادلة ورؤية بناءة في علم الاقتصاد الجهنمي الذي يرسخ في عقولهم التي لا ترتوي وبطونهم التي لم تشبع ، حتي يرتضوا بقناعة المكسب في أرتفاع الاسعار باهظ الحدود ، لنجد داخل كل أزمة اقتصادية يمر بها مجتمعنا ينتعش التاجر مادياً وتقع الأسرة المصرية في مأزق حسابي ويسير المجتمع إلي نفق اقتصادي مظلم قد لا ندرك مداه .

بفعل الأزاحة السلوكية داخل المجتمع تعلمنا من بعض العباقرة التجار مهارات الفهلوة والشهيصة والبعض من أساليب الألتواء والأفتراء لكسب العيش والقوت ، لنطعن في براءة الحياة ونقاوة العيشة ونكسر أسوار الأمان بها ونهدر قيمة السلام بداخلها ، فقد تلاشت وطمست البعض من القيم والمبادئ لأجل فلسفة لقمة العيش ، فأين ذهبت النزعة الوطنية والحدس الإنساني لديهم في الشعور بمعاناة الدخل المحدود للأسرة المصرية والمأزق الاقتصادي للدولة ؟    

منطق غريب وفلسفة أغرب في تحقيق الربح التجاري

بأستثناء المؤسسات والشركات التجارية الأدارية والأكثر نظاماً ، لقد أصبح البعض من فئة التجار سوق موازي لكثير من السلع والخدمات الأستهلاكية لتشتد الأزمة داخل المجتمع بلا رحمة أو رفق بالإنسان البسيط ، فقد أصبحت مكونات المنتج السلعي تنتقل من تاجر إلي تاجر في حلقة دائرية لاتنتهي من غلاء الأسعار ، إلي جانب منهجهم الاقتصادي العريق في تحنيط وتسقيع السلع والبضائع من الأسواق وسياسة التعطيش والترغيب ، لتحقيق أعلي الأرباح دون النظر بعين الشفقة إلي المواطن المصري محدود الدخل في سد أحتياجاته الأساسية . 

« فئة التجار » مهارة الفهلوة في استغلال الأزمات

التجارة الحقة هي منفعة تبادلية بين طرفين «البائع والمستهلك » بكل شرف وأمانة لحماية المجتمع من الأزمات ، وهي مكسب لرواج وتسويق أحترافي للسلع والمنتجات تحت ظل الأعراف الأخلاقية والإنسانية والشرف التجاري بشكل مرضي للطرفين دون أقصاء منفعة أحد الأطراف عن الأخر وأفتعال المشكلات لديه وتحقيق أفضل المكاسب المشروعة والنزيهة في أطار مبدأ توفير الأحتياجات والسلع لأفراد المجتمع ، تحقيقاً للرضا والشعور بالأمان داخل بيت الأسرة المصرية . 

وللأسف أصبحت التجارة في مصر غير مؤسسية و مهنة من لا يعمل أو من لا يحمل مقومات تأهيلية ، فقد أصبح البعض من فئات التجار والعاملين بالتجارة بأنواعها عبء أقتصادي للمواطن داخل المجتمع بسبب دورهم في تفاوت أرتفاع سعر المنتج وقناعتهم بمسلمات القيم التجارية المغلوطة والعبقرية الاقتصادية ذات الوجه الأناني لدي فئة البعض منهم وسط أسواق الغابة تحت ظل الأحتكار والهيمنة والعظمة الجوفاء التي يمارسونها في تحقيق شعورهم بالأمان والأستقرار والأستمرار داخل المعركة الاقتصادية والحفاظ علي المكانة الاجتماعية لديهم ، فهم دائما يسقطون تبرير أفعال أطماعهم التجارية تجاه الدولة والنظام الحكومي ، ليصبح ضحايا هذا السيناريو أعداد غفيرة من الأبرياء المواطنين الذين يعيشون يوم بيوم بجوار الحائط ، وكأن النطاعة والبجاحة في أرتفاع الأسعار أمر طبيعي وشئ لم يكن .

لقد أصبح الوضع الاقتصادي مأساوي يتمثل في ركود بعض السلع وهوه المساحة بين التاجر الذي يحتكر السلعة والمستهلك الذي لا يملك ثمنها

توتر مادي وقلق اقتصادي مستقبلي يشعر به المواطن المصري عن حجم التضخم المسعور في الأسعار الخارج عن السيطرة والبالغ أقصي درجات الأستخفاف والتلاعب بالعقول دون أدني مراجعة أو مراقبة، وقد يستنزف الأحتياطي النقدي للأسرة بسبب التضخم الاقتصادي للمنتجات . 

تصحر ثقافي واضح  .. 

أثناء التفاعل الاجتماعي داخل شقوق المجتمع ، لم نستطيع أن نستخلص الرؤي الأدبية والقيم العليا من قِبل أشخاص تجاريون يجسدون الحياة في بقاء الأستمرار للأقوي في المخازن والخزائن ، داخل صراع مرير وغريب لم ينتهي ضحاياه ، يعود بالأهتزاز والاحباط وفقد أوصال الثقة بين حياة الكثيرين من المواطنين المستهلكين ، ليتمثلوا هم أيضا بنفس الغاية والأسلوب لمجاراة هذا السباق والصراع في التعايش والبقاء من أجل القوت  . 

« فئة التجار » مهارة الفهلوة في استغلال الأزمات

في فلسفة الأخلاق والأجتماع مادام هناك «غابة»  صنعها هؤلاء الحكماء التجار ، يبدأ يفقد المجتمع القيم والرؤي الأدبية أوتوماتيكياً ، لنصل للبقاء للأغني وليس للأصلح في التعايش الأجتماعي، وتتحول العقول من ثقافة حكيمة إلي تجارة عقيمة تهدد صفو حياة أصحاب الأسر والبيوت وبسطاء الفكر ، وتخدش في البنيان القيمي والمثالي للمجتمع ، فقد أصبحت ربحية التجارة خيانة مشروعة ، وأصبح المشهد الآن هو الصراع علي لقمة العيش دون حساب أو مراعاة الآخر في فلسفة الحياة لدي ثقافة البعض من التجار العظماء !! 

قد نعاني فراغ وتصحر ثقافي لدي قطاع عريض من العاملين بالتجارة وفئة التجار كمكون اجتماعي وطبقي في تدعيم النسيج الأدبي والتعليمي للمجتمع المصري 

قد وصلوا بنا جهابذة التجار في علم الاقتصاد إلي غياب الضمير المهني ، فقد أصبح التجار الشرفاء منهم  عملة نادرة وتحفة أثرية ثمينة نحتفظ ونعتز بها ونعتبرها وسام المهنة داخل ساحة المصارعة التي صنعتها مرارة الجشع والطمع من قبل البعض من هؤلاء، وليس من جميعهم ، ليصبح الشرفاء منهم غير مؤثرين علي توازن التضخم الاقتصادي للمجتمع ، وذلك لقلة عددهم في السيطرة علي الأسواق ، ونجد في نهاية الأمر التاجر جزء كبير من التضخم في الأسعار وعامل مؤثر في الفوضي الاقتصادية، وقبل مراقبة الأسعار علينا مراقبة الضمير المهني داخل الأسواق لحماية المستهلك . 

ونظل جميعاً نكنُ كامل الأحترام والمساهمة إلي التجار الشرفاء داخل وخارج بلادنا ، وسوف تزال إلي الأبد التجارة عمود اقتصادي للدولة ومهنة عريقة ومصدر لكسب الرزق والقوت المشروع ومهنة شريفة لصاحبي الأمانة والشرف ، بعيداً عن البعض من الفلاسفة والمفكرين التجار في الفهلوة والجهبذة !! 

 

الأسواقالتجارالتضخم الاقتصاديالشركات التجاريةجوزيف سعدحماية المستهلكعلم الاقتصادفئة