جوزيف سعد .. «الجهل» أصبح جريمة مقننة

غياب القيمة الأدبية والرؤية الفلسفية بالسلوك ، وتدني النظرة الثقافية بالأشياء .. هو جهراً بالجهل المجتمعي

جوزيف سعد .. «الجهل» أصبح جريمة مقننة

الجهل جريمة مقننة

 

لقد اختلفت الرؤية الفلسفية لمفهوم «الجهل» في حد ذاته .. فإذا أصيب الشئ بالجمود أصبح جهلاً ، والجمود هو غياب المرونة الفكرية في تجديد قيمة الشئ توافقاً مع المتغيرات ، وكسر الجمود هو إنتشال من الجهل .. 

الكاتب / جوزيف سعد

جوزيف سعد

 

 

نصل إلي أعلي المناصب الوظيفية أو المكانة الاجتماعية حين نبحث عن القيمة الأدبية والرؤية الفلسفية المرتبطة بالعمل والسلوك وبالنظرة الثقافية بالأشياء ، وهكذا ترتقي المجتمعات.. غير ذلك هو جهراً بالجهل المجتمعي ، وأعراضه تدني تدريجي في مستوي الأخلاق وغياب الضمير المهني ومبالاة العقل وتبلد المشاعر في القيام بالسلوك السوي، وهذا علي مدي ليس ببعيد في غياب اكتساب الفرد العادي مهارة الرؤية الفكرية الفلسفية الفاحصة لمثيرات البيئة من حوله

في ظل كثرة الزحام والتطور والأحداث أصبحت مفاهيم الجهل لا تقتصر علي نحو الأمية أومعرفة القراءة والكتابة أو بمقدار  الحصول الشهادات الدراسية من عدمه بالمفهوم الأعتيادي والتقليدي  ، بل الوصول إلي أزمة الأخلاق لأبتعاد بنيان السلوك القيمي عن منطق الفلسفة بالأحداث والتطلعات والمتغيرات والحداثة والتجديد من زوايا أدبية وفكرية

لكل عمل أو شئ أو فكر أو مشاعر تخص السلوك الإنساني لابد أن يكون لها وجه أدبي و فلسفي ، أي أنه قناع لا يمكن أقتلاعه إلا في حالة التوريث أو فقدان الحياة 

نفتقد النظرة الثقافية الثاقبة بالأشياء والتجويد الفلسفي بها، وهذا بدوره صك لنا مفهوم اللاوعي والجهل المقنن ، تلك مفاهيم خفية في السلوك الاجتماعي ، علينا بالمهارة التربوية في الأكتشاف والتقويم والتعليم الفلسفي لها

لا تقتصر نظرتك إلي الشكل أو المكانة أو المؤهل في البحث عن ماهية الشخص، ولكن تسأل نفسك هل تستطيع أن تستخلص وتستنبط رؤي فلسفية وأدبية من فكره وبالتالي من أحداث سلوكه ؟ ، فالأجابة عن تلك السؤال هو بعينه تحديد مقدار الحكم والتقدير للأشخاص و للأشياء في الإفادة والنفع علي مستوي الفرد والجماعة والمجتمع في تدعيم الأخلاق ورقي  فكر المجتمعات اللازم للبناء والتجديد

 مثالاً.. متعلمون وليس بتنويريين ، متعلمون بلا أستنارة

 لا تنخدع أو تغر بجميع أفراد خريجي كليات القمة العلمية كالطب والهندسة والعلوم والصيدلة وخلافه ، بأنهم لايحملون أفكار أصولية رجعية أو أفكار متطرفة أو طائفية أو مذهبية وخلافه … ، وذلك لأن محتوي دراستهم المنهجية لم يشتمل علي الفلسفة وفروع العلوم الإنسانية والسلوكية بأستفاضة، فليس جميعهم علي حد السواء، فبعضهم متعلمون بلا أستنارة ، في المقابل خريجي العلوم الأدبية متعلمون ذوي أستنارة فكرية بأدوات فلسفية تعايشية ، فهؤلاء في الغالب لا يحملون شبهه فكرية أو خروج عن النص الإنساني  ، فالفيصل هنا ليس الحصول علي مستويات العلوم البحتة ، بقدر الحصول علي مستويات العلوم الأدبية والفلسفية 

جوزيف سعد .. «الجهل» أصبح جريمة مقننة

القيمة الأدبية والرؤية الفلسفية

 

علينا بالرؤية الفلسفية والأدبية الفاحصة عند بناء والتشييد في كل مايتعلق بالوجود الإنساني من سن القوانين واتخاذ القرارات والأدوار الاجتماعية وروابط العلاقات وقيام المؤسسات ، فغياب مداخل علوم الأدب والفلسفة في النهج الطبيعي لسلوك المواطن هي جريمة جهل مقننة وأكثر جهراً وانتشاراً في المجتمع الآن ، فحين يحين الوقت فيه أن نستبدل أصول الموروثات الفكرية بالعلوم الانسانية والفلسفة الخلاقة فقد نتخطي عقبة الجهل ونصل إلي النور والي طريق التحول والأنتقال المجتمعي علي نحو صحيح المسار في المنافسة والسباق 

قد تطور كل شئ من حولنا، حتي مفهوم الجهل أصبح له تعريفات وتفسيرات أكثر دقة وحداثة وتطور في ظل الطفرات العقلية التكنولوجية التي أثرت علي رفع مستوي الحد الأدني من الجهل، فمثلاً الجهل بالتكنولوجيا الآن أصبح يماثل مفهوم الأمية قديماً ، لذا المعادلة أختلفت فأين نحن من تلك المعادلة؟ 

التجديد فطرة الحياة ، فالطبيعة تفسد تحت ظل الجمود إن لم تجد عقل يقوم بأستثمارها وتجديدها، ليصبح الجمود هنا هو الجهل ذاته في ثبات قيمة الشئ من عدم تطوره وتجديده أو تحديثه ، وتلك هي الرؤية الأدبية والفلسفية لمفهوم الجهل في ثوبه الجديد ، حيث الجاهل هو الذي يجهل قيمة التجديد فينظر إلي التاريخ ويقوم بتكراره .. 

جوزيف سعد .. «الجهل» أصبح جريمة مقننة

 

.. الجهل جريمة في حق الأسرة والمجتمع بالمفهوم التقليدي وبالمفهوم الفلسفي علي حد السواء.. 

 

.. غياب الوعي الثقافي والنظرة الأدبية والفلسفية للأمور والمواقف أصبح جهلاً صامتاً وآفة أجتماعية وجريمة مقننة في شقوق المجتمع.. 

 

.. علينا كسر الجهل ببث الوعي في تجديد قيمة الشئ وفقاً للمتغيرات ، فكسر الجمود هو إنتشال من الجهل.. 

 

الجهل جريمة مقننة
الجهلالرؤية الفلسفيةالعلوم الإنسانية والسلوكيةالقيمة الأدبيةجوزيف سعد