جوزيف سعد.. « الإلحاد » ظاهرة تلقائية عن الجمود الديني والإسلام السياسي

الملحد .. لا يعاني المرض النفسي ويخلو من أي اضطراب عقلي

جوزيف سعد.. « الإلحاد » ظاهرة تلقائية عن الجمود الديني والإسلام السياسي

الإلحاد

 

بقلم الكاتب/ جوزيف سعد. 

 

جوزيف سعد

 

_أنتشار الإلحاد بين الشباب مسؤولية رجال الدين ومفكريه

 

_ أختراق التيارات الغربية للمراهقة الدينية داخل المجتمع الشرقي

 

_ الإلحاد موقف عقلي واضح ، ليس مأزق وتأزم نفسي غامض

 

_الدين السياسي له دور بارز في تدعيم وأنتشار الظاهرة في الوطن العربي

 

الملحد لا يعاني المرض النفسي أو ليس بالضروري أن يعانيه ، ولكنه دائم القناعة والشعور بالرفض والنبذ الاجتماعي من أفراد المجتمع الديني من حوله والذي يشعره بالقلق والتوتر وصعوبة أندماجه المجتمعي، مما يفقده جزء من قيمة الثقه بالنفس، إلي جانب التنمر الشخصي والوصم الاجتماعي الذي يتعرض له بصفة مستمرة ، وهذا بدوره يسبب له نوعاً من الاضطراب والأغتراب أو الخجل والرهاب الاجتماعي والبعد عن المشاركات الاجتماعية والميل للعزلة ، والذي يوصم به الملحد بالتأزم النفسي، وفي الحقيقة هذه السلوكيات هي أعراض رد فعل النبذ والرفض الاجتماعي وليس أعراض لرد فعل عقلي أو نفسي مريض، ليصبح الإلحاد موقف عقلي واضح وليس مأزق نفسي غامض

البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الملحد من مستوي القبول أوالرفض هو الذي يجعله شخص سوي نفسياً أم مضطرباً

الإلحاد ليس مرض نفسي أوعقلي ، والملحد مثله مثل أي شخص معرض للأمراض، والمرض النفسي مثله مثل أي مرض يمكن أن يصاب به أي شخص وليس وصمه عار علي مصابيه   

الملحد يتمتع بقدرات ومهارات عقلية معرفية فائقة عن المستوي الطبيعي لأي فرد يجب أن تستغل وتوظف داخل المجتمع ، فهو في الغالب شخص واسع الثقافة وإثراء للفكر والتطور والإبداع

الفكر التجريدي والمنهج التجريبي قوام رئيسي للبنية العقلية للفرد الملحد في الاستجابة للمثيرات والمنبهات البيئية أوأنها أحدي صفات مقومات الشخصية لديه ، والتي تجعله مميز عن الآخرين في البحث والوصول إلي النظريات الدقيقة والمعادلات الفارقة 

لاعلاقة بين الأخلاق و فكرة الإلحاد أي ليس بالضرورة أن يصبح الملحدون غير أخلاقيون ، بل أحياناً وبالعكس فقد تكاد تخلو سجلات البحث الجنائي من الملحدون في أرتكاب الجرائم داخل المجتمع

أحلام مجهضة ومستقبل مجهول يعيشه الكثير من الشباب أمام ثبات العادات والتقاليد وجمود بعض القيم والموروثات ، والذي رسخ فكرة حرية الأعتقاد والأعتناق كنوع من التحرر القيدي وتحقيق الأستقلالية عن ذلك الثبات والجمود ، والتي تصبح فكرة الإلحاد أحد أعراض التعبير عن ذلك التحرر وكسر القيود

 غياب المرونة الدينية أمام الأفكار الحديثة والعصرية للأجيال والذي دفعهم إلي قناعة حق تقرير المصير الذاتي، إلي جانب قناعتهم بما وصل اليه الغرب من تقدم وحداثه مقارنة بالمجتمع الشرقي 

جوزيف سعد.. « الإلحاد » ظاهرة تلقائية عن الجمود الديني والإسلام السياسي

 

تيارات الدين السياسي.. 

فكره الإلحاد لم تأتي محض الصدفة أو لم تنشأ من تلقاء نفسها بلا معطيات أو مقدمات ،  فمن منظور العقل الواعي للأجيال في رؤية الإله المشوه من الدين السياسي المتعنف الذي يعتدي ويقتل ويقتحم المجتمعات والعمل علي الإبادة تحت ستار العقيدة والموروثات المقدسة.  وذلك مثلما فعلته الكنيسة القمعية في أوروبا في عصر من العصور والذي ساعد علي أنتشار فكرة الإلحاد نتاج ذلك والأعتراض والنقد علي المفاهيم الدينية في ذلك الوقت من الزمان 

مع أنتشار خطاب ديني متطرف في العالم العربي والمجتمع المصري أثر ثورات الربيع العربي بدأ الكثير  من الشباب المصري والعربي في أعلان عدم إيمانهم صراحة والتعبير عن أختلافهم مع الخطاب الديني السائد ورفضهم له  

فالعنف الذي مارسته بعض جماعات الإسلام السياسي قد دفع بعض الناس بل والكثير من الشباب الصاعد إلي التشكيك في مباﮂئ الإسلام داخل البلدان العربية، فقد صدر الدين السياسي عن كثير من الممارسات العنيفة والأرهابية والتي تنتهج الوحشية والترهيب والذبح بأسم الإسلام ، ليصبح بصورة وحشية قاتمة، مما نفر عدداً كبيراً من أجيال الشباب من الإسلام ودفعهم إلي الإلحاد وحق الأعتناق أوالأعتقاد أو البعد عن الأديان بصفة عامة

 

.. أسباب ساعدت علي فكرة الإلحاد في المجتمع المصري والوطن العربي.. 

_ غياب تنقية وتنقيح التراث الديني من النصوص الأملائية المكتوبة التي تحث علي الكراهية والتشدد ومن الجرائم التي أرتكبت في حق الأنسانية

 

_نقل النص الديني كما هو عبر الأجيال ، وغياب الأعتماد علي فلسفة العقل في قراءته، حيث النص الديني ثابت والأجيال متغيرة

 

_ أعتبار المجتمع للديانة في المقام الأول قبل الأنسانية وفلسفة الأخلاق والكفاءة والقدرات في التوافق الاجتماعي والأولويات، وخلط الدين بالأدوار الأجتماعية في المجتمع

 

_ الأستناد التقليدي للمجتمع علي العلوم الدينية ، وغياب الأعتماد علي العلوم الإنسانية في معالجة قضاياه ومشاكله وتفسير ظواهره

 

_فشل تجديد الخطاب الديني علي المستوي الأسري والمجتمعي 

 

_أحتواء الخطاب الديني علي أسلوب التخويف والترهيب والثواب والعقاب ، فتلك المسلمات ينفر منها الكثير من الشباب والأجيال الصاعدة

 

_غياب أحتواء الخطاب الديني من المزج بين الروح والعقل والجسد في آن واحد وأعتماده بشكل رئيسي علي الغيبيات

 

_إلقاء الضوء في الخطاب الديني علي الوجه البطولي لتاريخ الأديان أكثر من الوجه الحضاري

 

_الأحلام المجهضة والمستقبل المجهول الذي يعيشونه الشباب أمام الجمود الديني والموروثات الأجتماعية

 

_الصراع العلماني الديني في المجتمع ، الذي جعل الكثير من الشباب في حالة أرتباك وأغتراب نفسي وضجر اجتماعي

 

_الفجوة الفكرية بين الأجيال ، والصراع القيمي بين الاجيال والأنتقال التدريجي لعلمانية الفكر في المجتمع

 

_غياب المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية داخل المؤسسات التربوية والأجتماعية في تحقيق توزان الصراع القيمي داخل عقول الأبناء والشباب 

 

_ربحية البعض من رجال الدين ، وتدني المستوي الثقافي والتعليمي لديهم في تزييف وتشويه وخلط المفاهيم أو النصوص من قبل البعض منهم الغير مؤهلين أدبياً وثقافياً وفلسفياً للتواصل مع الجمهور في غرس القيم 

 

_ تعدد المذاهب والطوائف الدينية المتنوعة وتزايد الأحداث والجرائم الطائفية عنهم علي مستوي البلدان العربية

 

_التطلع والأنفتاح الثقافي حول العالم عبر الفضاء الألكتروني وتعمق التأثر والتأثير بين الثقافات

 

_ قانون أزدراء الأديان والذي حجب التدبر والتدبير و والفحص والتمحيص ومن ثمة الأجتهاد في التراث الديني من مقبل جهود المفكرين والمجتهدين وكسر مابه من جمود زمنه الذي لا يوافق تغيير العصر المعاش 

جوزيف سعد.. « الإلحاد » ظاهرة تلقائية عن الجمود الديني والإسلام السياسي

 

فكرة الإلحاد وانتشارها السريع قضية تخص النخبة الدينية في مواجهتها والتصدي لأسباب الفكرة

 لذا وجب علي القائمين علي مستوي كافة جميع الأديان ، التدبر في النصوص الدينية وتحديق الفكر والتأمل بها والقراءة الأدبية والرؤية الفلسفية لمعاني مقاصدها توافقاً مع المتغيرات الجيلية العصرية، وذلك ضرورة للحد من ترسيخ وأنتشار فكرة الإلحاد بين الشباب بطبيعة حال الأزاحة السلوكية والفكرية في المجتمع في الوسط الجيلي ، ويتوجب علي الدعاه والوعاظ أن يتحلوا بالرؤية الأدبية والرؤي الفلسفية في أختيار نوع الخطاب الشرعي الذي يخاطبون به الشباب وعليهم أن يجددوا من هذا الخطاب وفقاً للمتغيرات دون تنازل عن الثوابت ، وذلك بمهارة حسن الأستشهاد والأقتباس بأيات وقصص وسير شخصيات دينية لها بعد أدبي وفلسفي روائي ترتبط بواقع العصر المعاش للأجيال  ، بجانب المرونة الدينية لتطلعاتهم وأحلامهم التي تعتبر غير مشروعة تحت ظل الجمود الديني السائد ، وتلك مهارة علي رجال الدين التحلي بها للتواصل المقنع مع الجمهور من الاجيال المتغيرة للمواجهة التربوية لظاهرة الإلحاد بين الشباب والمواطنين  

مصر مهد الأديان لذا يسعي كلا من الأزهر والكنيسة بكل إيمان وقوة في دورهم التربوي والديني والإرشادي حفاظاً علي الرسائل السماوية للإنسانية من تيارات الإلحاد والتصدي لها بالفكر التربوي الحديث والتي أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم في أرجاء الوطن العربي الآونه الأخيرة، ليصبح الإلحاد ظاهرة أستثنائية وغريبة علي المجتمع الديني والشرقي وذلك لما يعانيه من جمود ثقافي وتطرف فكري لم يتطرق اليه بجديه في علاجه منذ عقود السنين أو الأزمان . 

 

الإلحاد

 

الأزهر والكنيسةالإسلام السياسيالإلحادالعلوم الإنسانيةالمرض النفسيجوزيف سعد