المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ضرورة تربوية

الصراع العلماني الديني جعل الشباب في حالة من الأغتراب النفسي والضجر الاجتماعي

المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ضرورة تربوية

 

المرونة الدينية والتوافقية العلمانية

 

المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ضرورة تربوية ..

بقلم / جوزيف سعد

 

من أين تبدو الحقيقة؟ سؤال سري غامض يثير فضاء عقول الكثير من الشباب والفتيات في ظل لغط ثقافي وتخبط فكري يمر به المجتمع المصري اجتماعياً وتربوياً ودينياً ، يضع الأسرة في حيرة وتردد وقلق تجاه أبناءهم، بما يعانوه من حالات الأنغلاق في الشخصية والأغتراب عن المجتمع ، أحلام مجهضة ومستقبل مجهول ، حالة يعيشها الشباب في ظل صراع قيمي علماني ديني يحتويه تضخم أقتصادي لن نحدد مداه داخل المجتمع المصري والعربي ، فالأجيال الصاعدة قد تكون ضالة الطريق في أكتشاف ذاتها تجاه الميول والأتجاهات وتحديد القدرات  ، وسط مجتمع مزدوج المعايير و الفكر والرأي في القيم والتقاليد نتاج أحتكاك صراع بين معرفة مطلقة موروثة عبر التراث ومعرفة نسبية مكتسبة عبر التكنولوجيا ، جيل الشباب أصبح في هوة فكرية فارغة مابين تطلعاته العلمانية و بين المفاهيم الدينية التي تقيده ، وهذا بدوره له تأثير سلبي بالغ علي الصلابة النفسية والتوافق الأجتماعي لدي الشباب عند أول لقاء لهم مع الحياة.

 

إلي ماذا تشير المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ؟

في سياق رؤية الفكر الفلسفي التربوي  والاجتماعي،  المرونة الدينية هي تعبير عن مساحة الأفكار العلمانية المنضبطة للشباب بحكم طبيعة التغير الجيلي ،  والتوافقية العلمانية هنا هي ترميم الموروثات الدينية حفاظاً عليها بصورة عصرية زمنية توافق تطلعات الأجيال ،  نظراً لقدر المعرفة التكنولوجية الهائل التي شكلت حجرات العقل والأنفتاح العالمي في التأثر والتأثير ، فنحن نتمثل بالمعتقد الديني قبل أدراكنا لمفهوم الإنسان الذي يعتنق وقبل الوعي بالمتغيرات البيئية من حوله التي تعمل علي أستمرار تشكيله من جديد من طور الي طور ،  وفي السياق النفسي تعتبر حرية التعبير عن تطلعات وأحلام الفكر في ظل الضوابط والتعبير عن الذات ، هي ميزان الصحة النفسية والتوافق الأجتماعي للشاب أو الفتاة بعيداً عن الأغتراب النفسي وفقدان الأحساس بالهوية والشعور بأختلال في الشخصية أو الشعور بالعزلة،  التشيؤ ، اللامعيارية،  العجز ، اللامعني،  التمرد ، اللاهدف  ، أو أي أعراض لأضطرابات نفسية وسلوكية أخري ، وتطبيق التوافقية العلمانية هنا ميزان  المسألة في الجانب النفسي والتربوي الاجتماعي للنشئ.

العلمانية تفسر تطلعات الشباب بما لديه من أفكار وليس بما لديها من أفكار تختلف عن مجتمع إلي أخر ، فهي لاتحتكر الإنسانية في شئ. كما يفعله الجمود الديني كمفهوم خاطئ عن التدين ،  فالقيم الدينية هي سند تربوي لعلمانية الشباب ومرونتها هي فلتر شوائب أفكارهم التي عليهم طرحها وعلينا سمعها ونقاشها بما لائق أو لايليق ، وخطورة مرحلة المراهقة في تكوين الشخصية الاجتماعية للشاب  من خلال قبول أو ورفض القيم والمعايير الثابتة، والمرونة والتوافقية هنا هي أستجابة القيم والمعايير الثابتة للواقع المتغير، فالعلمانية مفهوم واسع غير مألوف علي ثقافة مجتمعنا والمرونة الدينية ضرورة تربوية لرسم صياغته

المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ضرورة تربوية

 

اللغط الثقافي في تنوير الفكر الأنساني مابين الاتجاهات الدينية والعلمانية

يبدو كما كان في عهد سابق أن المبالغة في الفضيلة تفقد مصداقيتها  والتجارة بالدين سلعة ، قد يصبح الأن المبالغة في التنوير يفقد مصداقيته أو يقترب بأن يحتل لقب سلعة، التنوير  في المجتمع تحول من ظاهرة صحية الي أسواق فكرية. وحقيقة  الأمر في “الفاعل والمفعول” التنويري هو التربوي والتنوير هو التعليم،  وغير ذلك هراء وأفتراء.

  قد يشوه تنوير الفكر الإنساني لدي الشباب والمواطنين  ليصبح أحياناً تكسير في ثوابت مجتمعنا وفطرية أنسانيتنا  في ظل حرية الأتجاهات الفكرية بصراعاتها النهجية، وأحيانا يصبح التنوير جارح لمشاعر البسطاء من المتدينين أو محاباة لأتجاه معين  وأحياناََ باهت في دوافع رسالته أو في  طريقته التي تفقد هدفه  .

 التنوير الفعلي في بلادنا الذي طال بنا  أنتظاره و أستشرقت شمس حياتنا به  وتلونت بأبهي ألوان التفاؤل ، هو  مسؤولية تربوية تعليمية علي وجه الخصوص وفي المقام الأول ،  وأي أتجاهات فكربة تنويرية حره في الرأي، هي حق شخصي أو جماعي وليس حق مجتمعي عام .

 تقاس حقيقة دوافع التنوير أمام عقول الشعب المصري بحدسه الإنساني والحضاري ، لمن يقدم رسالة تنويرية إنسانية ملموسة و من يقدم سلعة فكرية تجارية مطلوبة.

  والشخص التنويري الفعال هو الذي يتمتع بمهارات التواصل مع جميع عقول المواطنين بكافة أتجاهاتهم الفكرية  والأحساس بمشكلات مجتمعهم والعمل علي حلها ومناقشتها بقدراته المهنية الفكرية التوافقية بين الدينية والعلمانية.

 الحراك الاجتماعي الثقافي الأن هو مسرح وميدان لبيع سلعة التنوير في ظل صراع علماني ديني تشوبه التحيزات الفكرية والطائفية والتعصب و مناقشات جدلية ومنازعات شخصية من قبل الأتجاهين، دون المساندة في الوعي الحقيقي لشباب ومواطنين المجتمع المصري من بسطاء الفكر والثقافة .

المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية ضرورة تربوية

 

 

والأصل في التنوير هو سياق تربوي اجتماعي وأليه التنوير الحقيقي هي خطة تربوية تعليمية طويلة المدي تتصل بتنمية وبناء الفكر للأجيال َوالأرتقاء بالسلوك الإنساني والتعامل مع قضاياه النفسية ومشاكلة الأجتماعية، وتقويمة بطرق وأساليب تربوبة وفلسفة تعليمية حديثة ورؤية سيكولوجية في التربية والاجتماع ، وخلق عقل تكنولوجي  يواكب تحديثات العصر بطفراته المستقبلية ، وهكذا  كما يحدث الأن في منظومتنا التعليمية الحالية، فالتنوير المؤثر قادم لامحالة بواستطها، وأي جهة أخري غيرها هي تجارة فكرية أو تيارات تنويرية غير صائبة التغيير والتطوير الجذري  .

 ومايحتاجة مجتمعنا المصري  هو كل ما يغذي وعي العقل وأناره الفكر وتغيير السلوك عبر” العلوم الإنسانية بروافدها  والفلسفة الخلاقة بحكمتها”  وذلك تعبير وأحتواء عن تعددية الشباب  بمختلف ثقافاته و دياناته واتجاهاته الفكرية وطبقاتة الاجتماعية .

 حالياََ تيارات التنوير  تخاطب نفسها ، والتنويري يحاكي من معه في نفس الأتجاه الفكري،  وعملية تفعيل رسالة التنوير وتعمقها داخل شقوق المجتمع   لها روادها ومؤهلينها من متخصصي علوم التربية وأقسام الأداب والفلسفة والأعلام والخدمة الاجتماعية وعلم النفس و َالتنمية البشرية ، فهولاء كوادر خط الوسط في ساحة الملعب وحلقة الوصل في الوعي الفعلي لشباب أي مجتمع يمر بمرحلة تحول جيلي وتحور ثقافي مثل مجتمعنا.

 ونظراََ  للتعددية الفكرية والتي تطرح علي ساحة الأعلام والسوشيال ميديا بكل مظاهرها وأشكالها والقائمين بها ، الذي بدورة سيخلق أزدواجية فكرية داخل الأسرة الواحدة في المجتمع وبالتالي أنشقاقات بين الطبقات الاجتماعية وطوائفها.

 

أصحاب التنوير وأصحاب الصبغة الدينية يخوضون  معارك وصراعات فكرية مابين الدين والعلمانية ، وهم لايدركون أنه كلما طال الصراع في الوقت والفكر والجدال  بين الأتجاهين، كلما زاد أنتشار ظواهر اجتماعية مرهقة  تتعلق بالشباب ، حيث تسود  بلبله فكرية لها أنعكاساتها السلبية علي السلوك الجمعي الأجتماعي لأجيالنا الصاعدة في المستقبل القريب .

 مظاهر التنوير لايدركها ضعفاء الوعي والعلم والثقافة ، وتبلور شكله الأونه الأخيرة إلي سلعه تجارية دون أفادة  تذكر للمجتمع وأبنائه من الشباب  ، وقليلون من يحملون رسائل التنوير و نادرون من يلقبون بشرف لقبه ، و قيادة دولتنا الحكيمة تدرك وتميز مابين أصوات تنويرية تربوية خلاقة وأصوات تنويرية شائكة قد تضر بمصلحة الأبناء والمواطنين ، وقد نادي الرئيس عبد الفتاح السيسي بالأشارة إلي تجديد الخطاب الديني كناية عن المرونة الدينية الني نتحدث عنها بين السطور  .

 تنوير أبنائنا من الشباب لا يخرج عن المنظومة التربوية “التعليمية والأعلامية” ، وأننا أهدرنا الكثير من وقت وقيمة التنوير ، لأن جعلناه يتبلور في شكل صراعات فكرية وأخرجنا عن سياقه التربوي ، وأن الأجيال تنضج وترتقي في أي مجتمع بما يصنعه ويرسمه قلم مفكريه ومعلميه وأعلاميه،  حيث المرونة الدينية مع التوافقية العلمانية هي” فلسفة العصر في تربية أبنائنا داخل الوطن ، وقد أصبح البنيان القيمي لدي التغير الجيلي يتشكل وفقاً لتلك الفلسفة  .

 

التنويرالدينيةالعلمانيةجوزيف سعدشباب